سلوك الإنسان، فما على الإنسان إلا أن يتحمل مسؤوليته كاملة ويطبق على سلوكه قوانين الشريعة، كما تطبق كافة الأكوان على سيرها نواميس الطبيعة، ولينظر الإنسان إلى حكمة الله السارية في الوجود، وإلى عنايته البارزة في كل موجود، فلا لعب ولا عبث في أفعال الحكيم العليم، ولا لهو ولا لغو في تصرفات الله العلي العظيم، وتعالى الله الملك الحق، الذي يبطل الباطل ويحق الحق. أما قوله تعالى في خلال هذه الآيات:{إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ} فقد قال قتادة ومقاتل وابن جرير والحسن: " إن معناه (ما كنا فاعلين) ف (إن) هنا نافية لا شرطية ".
يقول الله تعالى إشارة لوحدة العقيدة التي جاء بها كافة الأنبياء والرسل:{هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي} ويقول {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}، فما تضمنه كتاب الله من الدعوة إلى الإيمان بوجود الله ووحدانيته،، والاعتراف بقدرته وحكمته، والدعوة إلى عبادته وطاعته، تضمنته جميع الكتب الإلهية، ما تقدم منها وما تأخر، وجاء به جميع الأنبياء والمرسلين، الأولين منهم والآخرين:{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا}[الشورى: ١٣]، لولا أن المشركين والكافرين أعرضوا عن الحق، ولم يلتفتوا إليه، لعرفوه من تلقاء أنفسهم ووقفوا عليه، {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ}، وهذا دليل على أنهم لو أعطوه ما يستحق من العناية والاهتمام، لوجدوه منهم