للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ}، وبهذه الآيات استحضر كتاب الله أمام الأنظار مشهد الظالمين الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد، ولم يؤدوا حقوق الله ولا حقوق العباد، مؤكدا أنه إذا حان مصرع الظالمين لم يفلتوا مهما حاولوا أن يفروا من العذاب، ولم ينفعهم الندم ولا العتاب، فما أكثر عدد الظالمين الذين هلكوا وبادوا، فألقي عليهم رداء النسيان، وباستئصالهم التام، وحصدهم كما يحصد الزرع، دخلوا في خبر كان.

يقول الله تعالى تنويها بعدله وحكمته، وتنبيها إلى أنه لم يخلق الإنسان ولا الأكوان عبثا: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ} على غرار قوله تعالى في سورة الدخان: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ} [الآية: ٣٨]، ثم قال تعالى موضحا هذا المعنى أكمل توضيح: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ * بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ * وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ}.

وواضح من السياق الذي وردت فيه هذه الآيات أنها ترمي إلى إثبات حقيقة واقعية لا جدال فيها، ألا وهي أن الله الذي طبع الطبيعة هو الذي شرع الشريعة، وكما أن نواميس الطبيعة التي أبدعها تضبط سير الأكوان، لأن قوانين الشريعة التي أنزلها تضبط

<<  <  ج: ص:  >  >>