للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يقول الله تعالى كشفا عما أصاب المشركين من حيرة وتناقض: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} - {قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ} فها هم حيارى مرتبكون، لا يدرون أي وصف يصفون به القرآن العظيم، شأن المبطلين الضالين الذين لا يثبتون على رأي، فتارة يجعلونه سحرا، وتارة يجعلونه شعرا، وتارة يجعلونه أضغاث أحلام، وتارة يجعلونه فرية من مفتريات الكلام، مصدقا لقوله تعالى في آية أخرى: {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا} [الإسراء: ٤٨] قال جار الله الزمخشري: " ويجوز أن يكون ذلك تنزيلا من الله لأقوالهم في درج الفساد، وان قولهم الثاني أفسد من الأول، والثالث أفسد من الثاني، والرابع أفسد من الثالث ". وهذه الحيرة والتناقض هما شعار أعداء القرآن في كل مكان، إلى الآن وحتى الآن. وقوله تعالى في أول هذه الآية حكاية عنهم: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى} معناه بالغوا في إخفاء النجوى، إذ " النجوى " من التناجي وهو لا يكون إلا خفية، وإنما بالغوا في الإخفاء، مبالغة في كتمان سرهم عن جمهرة المسلمين، فكشف كتاب الله سرهم، وفضح أمرهم.

يقول الله تعالى زجرا للمشركين والكافرين، وإنذارا لهم بسوء العاقبة، إن أصروا على الشرك والكفر: {وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ * فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ * لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>