للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

معنى (السلام) هنا السلامة، وبذلك أفسد الله رأيهم، وخيب سعيهم، مصداقا لقوله تعالى هنا: {وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ} قال أبو العالية: " لو لم يقل " بردا وسلاما " لكان بردها أشد عليه من حرها، ولو لم يقل " على إبراهيم " لكان بردها باقيا إلى الأبد "، وإنما كانت النار على إبراهيم دون غيره بردا وسلاما، لأنه عند الله أعظم منزلة وأعلى مقاما، {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}. وقد تحدث كتاب الله مرة أخرى عن عقوبة الإحراق بالنار في سورة البروج، إذ قال تعالى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الآيات: ٤، ٥، ٦، ٧، ٨، ٩]، وفي هذه الواقعة آتت النار أكلها، وفعلت فعلها.

ومما يحسن التنبيه إليه في هذا المقام اختيار كلمة (فتى) في وصف إبراهيم {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ}، واستعمال كلمة (فتية) جمع فتى في أصحاب الكهف {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} [الآية: ١٠]- {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى * وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا} [الآيتان: ١٣ - ١٤] ففي كلا المقامين يتعلق الأمر بمؤمنين صادقين آمنوا بوجود الله ووحدانيته، وقدرته وحكمته، وتبرأوا من الشرك

<<  <  ج: ص:  >  >>