{وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا}، لكن الله كان رحيما كريما عندما حفظه في بطن الحوت، فلم يمسسه سوء، وكما التقمه الحوت بأمر الله عند التقائه في البحر فحفظه من الغرق امتثل الحوت أمر ربه فأخرجه من بطنه دون أن يلحق به أي أذى، وأعاده إلى نفس الشاطئ الذي أقلع منه، عندما استجاب الله دعاء يونس، ونجاه من الغم الذي كان فيه، طيلة القترة التي التقمه فيها الحوت وبقي في بطنه، وهكذا أعاده الله إلى قومه سالما، ليرى أن شجرة الحق التي غرسها قد أينعت وآتت أكلها بإذن ربها، مصداقا لقوله تعالى في آية أخرى:{فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ}[يونس: ٩٨].
وقوله تعالى:{فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} إشارة إلى أن يونس عليه السلام كان قد غلب على ظنه أنه إذا فارق قومه سيخرج من الضيق الذي هو فيه إلى سعة من أمره، وانه سيستبدل بعسرهم يسرا، لكن الأمر جرى على خلاف ذلك، لحكمة يعلمها الله، فمعنى (لن نقدر عليه) في هذا السياق لن نضيق عليه، على غرار قوله تعالى:{وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ}[الفجر: ١٦] أي ضيقه عليه.
وقوله تعالى هنا:{فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ} بالجمع، إشارة إلى ظلمة الليل، وظلمة البحر، وظلمة الحوت، حسبما روي عن ابن مسعود وابن عباس وقتادة، وغيرهم، أو إلى ظلمة الخطيئة، وظلمة الشدة، وظلمة الوحدة، حسبما يراه الماوردي، أو مجرد