الزمخشري -: " إنما نقلناكم من حال إلى حال، ومن خلقة إلى خلقة لنبين لكم بهذا التدريج قدرتنا وحكمتنا، وأن من قدر على خلق البشر من تراب أولا، ثم من نطفة ثانيا ولا تناسب بين الماء والتراب وقدرعلى أن يجعل النطفة علقة- وبينهما تباين ظاهر- ثم يجعل العلقة مضغة، والمضغة عظاما، قادر على إعادة ما أبدأه، بل هذا أدخل في القدرة وأهون في القياس ".
وقوله تعالى هنا:{لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ} معنى " الأشد " كمال القوة والعقل والتمييز وعنفوان الشباب، وهو من ألفاظ الجموع التي لم يستعمل لها واحد، و {أرذل العمر} أخسه وأدونه، وهو الهرم والخرف الذي يصير الإنسان معه ضعيف البنية سخيف العقل، قال أبو حيان:" ولا زمان لذلك محدود، بل ذلك بحسب ما يقع في الناس، وقد نرى من علت سنه وقارب المائة أو بلغها في غاية جودة الذهن والإدراك مع قوة ونشاط، ونرى من هو في سن الاكتهال وقد ضعفت بنيته ".
وإذا كان كتاب الله في الدليل الأول على البعث لم يحل على الرؤية في جميع الأطوار التي يتقلب فيها الإنسان، لأن بعضها لا يقع تحت المشاهدة المباشرة، واكفتى بأن قال:{إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ}[الآية: ٥] فإنه قد أحال على الرؤية في الدليل الثاني إحالة واضحة، فقال تعالى تعبيرا عن الدليل الثاني المنتزع من حياة النبات:{وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ}، لأن هذا الدليل الثاني مشاهد للأبصار، ولا يتأتى فيه للعين أي جحود أو