وجوده، إذ هو مبدع الكون وممده بمدده وجوده، وليس ذلك إلا لله تعالى الملك الحق، الموجود الثابث، الذي لا يتغير ولا يزول.
ووصف كتاب الله صنفا ثانيا من المجادلين المتحذلقين، المعرضين عن الحق لمجرد الكبر والعناد، الذين يدعون على الضلال والفساد، فقال تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ * ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}، وقوله تعالى هنا:{ثَانِيَ عِطْفِهِ} أي معرضا عن الحق في جداله وكلامه، و " العطف " ما انثنى من العنق، تقول: ثنى فلان عني عطفه إذا أعرض عنك، على غرار قوله تعالى:{أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ}[الإسراء: ٨٣]، وقوله تعالى {لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ}[المنافقون: ٥].
والمراد " بالعلم " هنا العلم الضروري، و " بالهدى " الاستدلال والنظر، لأنه يهدي إلى المعرفة، و " بالكتاب المنير " الوحي الإلهي. فهذا الصنف من المجادلين يجادل في الحق دون مستند ولا دليل، وغايته الوحيدة هي التدجيل والتضليل، {لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ}.
ووصف كتاب الله نوعا ثالثا من المذبذبين والانتهازيين والمنافقين الذين تتقلب بهم الأحوال، ولا يثبتون على حال، فقال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ