ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ * يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ * يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ}. وقوله تعالى هنا:{عَلَى حَرْفٍ} يشبه قوله تعالى في آية أخرى: {عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ}[التوبة: ١٠٩]، إشارة إلى أن هذا النوع من الناس يكون على وشك السقوط لأول دفعة، إذ حرف كل شيء طرفه وحده، و " حرف الجبل " أعلاه المحدد، والمراد " بالفتنة " الابتلاء والامتحان، والمراد " بالمولى " هنا الناصر والمعين، والمراد " بالعشير " الصاحب المخالط.
وبعدما وصف كتاب الله أصناف المجادلين والمذبذبين، واستنكر مواقفهم، وتوعدهم بالعذاب الأليم جزاء وفاقا، عقب على ذلك بذكر أهل الإيمان والعمل الصالح، ووصف ما أعده لهم من نعيم مقيم فقال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ}.
ثم أعاد كتاب الله الكرة مرة أخرى، ليوبخ أعداء الحق وخصوم الحقيقة من أهل الجدال والنفاق، وليتحدى كيدهم وعنادهم، فقال تعالى:{مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ} فلا ملجأ من الله إلا إليه، ولا اعتماد إلا عليه، والمراد " بالسبب " هنا الحبل، والسبب ما يتوصل به إلى الأشياء.
وذكر كتاب الله بالطابع المميز للذكر الحكيم، وانه عبارة