للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله تعالى: {وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} تعهد من الله على وجه التفضل والإحسان بنصر المؤمنين نصرا مؤزرا، متى خاضوا المعركة، لإعلاء كلمة الله ونصر دينه، وقد جاء هذا التعهد في صيغة تحفز على الاستماتة في سبيل الله، كلها توكيد وتأييد. ومن كانت قدرة الله توجهه وترافق خطواته، لم يستطع أي عائق كيفما كان أن يقف في طريقه أو يعطل حركاته.

ثم كشف كتاب الله النقاب عن أشنع وجوه الظلم التي نزلت بالمسلمين على أيدي المشركين، مما يبرر انتفاضتهم ضد الظلم والطغيان، ومكافحتهم للمشركين، المعتصمين بتقاليد الجاهلية وعبادة الأوثان، فقال تعالى في وصف المؤمنين {الَّذِينَ ظَلَمُوا}: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ}، مبينا أن حرية الاستقرار والإقامة بالأوطان، وحرية الضمير والوجدان، حقان أساسيان لا بد من ضمانهما لكل إنسان، ولا سيما إذا كان الأمر يتعلق بعقيدة التوحيد والإيمان.

ووضع كتاب الله أمام أنظار المؤمنين حقيقة واقعية وتاريخية لا جدال فيها ولا نزاع، ألا وهي ان الحق مهما كان نوعه لا بد له من نصرة ودفاع، فكثيرا ما يطغى الباطل ويحاول أن يسيطر سيطرة نهائية، لولا ما يقف في وجهه من حركات الدفاع المضاد، التي تدفع بالطغاة الظالمين إلى الهاوية. وهذه الحقيقة هي التي عبر عنها كتاب الله بمنتهى الدقة والوضوح في قوله تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [البقرة: ٢٥١] وإليها يشير قوله تعالى هنا مع ذكر المثال:

<<  <  ج: ص:  >  >>