{وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا}، مما يدل على أن العقائد والأديان، إنما هي مدينة بوجودها وبقائها لمن دافعوا عنها بحماس وإيمان، ولولا ذلك لدخلت كلها في خبر كان.
ومما يحسن التنبيه إليه في هذا المقام ما في هذه الآية الكريمة من ذكر لجملة من معابد الملل الأخرى إلى جانب " المساجد " التي هي بيوت الله، والإتيان بها جميعا في صعيد واحد، ففي ذلك تلميح لطيف إلى مبدأ الإسلام الأساسي القائل:" لا إكراه في الدين "، وإشارة واضحة، إلى أن الإسلام يضمن لمخالفيه حرية الاعتقاد، وأنه كما لا يسمح بالاعتداء على معابده ومقدساته لا يسمح بالاعتداء على معابدهم ومقدساتهم أيضا. قال ابن خويز منداد:" هذه الآية تضمنت المنع من هدم كنائس أهل الذمة وبيعهم وبيوت نيراهم "، وقال القرطبي:" إنما لم ينقض ما في بلاد الإسلام لأهل الذمة، لأنها جرت مجرى بيوتهم وأموالهم التي عوهدوا على صيانتها ".
وقوله تعالى هنا:{يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ} بعد ذكر الصوامع والبيع والصلوات والمساجد يعود الضمير فيها على المساجد دون إشكال، ويمكن أن يعود حتى على الصوامع والبيع والصلوات، باعتبار ما كان عليه الأمر فيها قبل أن ينحرف أهلها عن دين الحق ويدخلوا فيه البدع والمحدثات.
وبعدما أذن الله لعباده المؤمنين بالقتال، دفاعا عن عقيدتهم وحريتهم وكيانهم الخاص، ومقاومة للظلم والإلحاد، وبعدما حدد