وقوله تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} إشارة إلى ما تتعاقب علي أحوال الدنيا من ضياء وظلمة وليل ونهار، وكذلك الأيام يداولها الله بين الناس، فمن نصر إلى هزيمة، ومن هزيمة إلى نصر، ومهما طال ليل الظلم والطغيان، فإن فجر العدل والحق لا بد أن يمحو ظلمة الليل الطويل متى حان الأوان {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}.
وانتقل كتاب الله مرة أخرى إلى عرض آيات الله البارزة في الأنفس والآفاق، الدالة على وجود الله ووحدانيته، وعظيم قدرته وبالغ حكمته، عسى أن يقلع المشركون عن شركهم وكفرهم، ويتراجعوا عن عدوانهم وظلمهم، ويتوبوا إلى بارئهم توبة نصوحا، فقال تعالى:{ألم أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ}. على أن الخطاب في هذه الآية موجه إلى كل إنسان، في أي زمان كان وفي أي مكان، ليتدبر آيات الله في الأنفس والآفاق ويدخل في حظيرة الإيمان.
وقوله تعالى هنا:{فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً} عقب قوله: