للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} تصوير لما يعقب إنزال المطر من اخضرار الأرض ولو بعد حين، وإذا كانت الفاء ههنا للتعقيب، فإن تعقيب كل شيء بحسبه كما قال ابن كثير، على غرار قوله تعالى: {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} [المومنون: ١٤]، فقد جاءت " فاء التعقيب " في الانتقال من طور إلى طور آخر، مع أن بين كل طورين من تلك الأطوار أربعين يوما، كما ثبت في الصحيحين. ومن اللطائف في هذا الباب ما ذكره ابن عطية في تفسيره من أنه " شاهد بنفسه في السوس الأقصى أن المطر نزل ليلا بعد قحط، على أرض رملة، نسفتها الرياح، فأصبحت مخضرة ثاني يوم بنبات رقيق ".

وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} عقب قوله: {فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً} معناه فيما قاله ابن عباس: " خبير " بما ينطوي عليه العبد من القنوط عند تأخير المطر، " لطيف " بأرزاق عباده.

وقوله تعالى هنا: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ} بعد ذكر آيات الله في الأنفس والآفاق، إشارة إلى ما عليه الشاكون والمنكرون من جحود لوجود الله، وما عليه الكافرون والمشركون من جحود لوحدانيته، وما عليه الغافلون والضالون من جحود لنعمته، بالرغم من قيام الدلائل القاطعة والبراهين الساطعة على قدرته وحكمته {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: ١٣].

وانتقل كتاب الله إلى تقرير حقيقة واقعية وتاريخية هي أن

<<  <  ج: ص:  >  >>