البشر جيلا بعد جيل، وما بذلوه من تضحيات في هذا السبيل، وما واجههم به أعداء الرسالات الإلهية من تكذيب وتضليل.
ومما يستلفت النظر ما يوجد من تناسب عجيب بين خاتمة سورة الحج السابقة وفاتحة المؤمنين اللاحقة، فقد تحدث كتاب الله في الآيات الأخيرة من سورة الحج عن عبادة المؤمنين، مشيرا إلى ما ينبغي أن تتعلق به قلوبهم، وتنطوي عليه جوانحهم، من رجاء عظيم في الله، ورغبة صادقة في الفلاح والفوز برضاه، فقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[الآية: ٧٧]. ولما نزلت سورة المؤمنين جاءت في صيغة الخبر المفيد للوقوع، الملائم لما سبقه من توقع، إشارة إلى أن الله تعالى تكفل بتحقيق رجائهم، واستجاب لدعائهم، فقال تعالى في طليعة هذه السورة:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}.
وكما لفت كتاب الله النظر هنا في البداية إلى ما خص به المؤمنين من الفوز والفلاح فقال:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}، لفت النظر في النهاية إلى المصير السيء الذي ينتظر الكافرين من الخسران المبين، فقال تعالى في الآية الأخيرة من هذه السورة:{إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}.
وأبرز كتاب الله في الآيات العشر الأوائل من هذه السورة ما يثمره الإيمان بالله واليوم الآخر في نفوس المؤمنين من جميل الخصال وكريم الصفات، وما يتحلون به في سلوكهم الخاص وسلوكهم العام من المزايا والمميزات: