للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

- فعبر عن العلامة الأولى التي تميز المؤمنين المفلحين بقوله: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}، إشارة إلى أنهم لا يكتفون في صلاتهم باستيفاء شروطها الظاهرة، بل يدركون تمام الإدراك أن المصلي الذي يناجي ربه لا يمكن أن يدرك لذة المناجاة وسرها وهو مشغول الفكر بنفسه، غافل عن ربه في الوقت الذي يناجيه، فلا بد من أن يقبل على الصلاة وهو متفرغ لها من جميع الشواغل، وبذلك يتمكن من خشوع قلبه وحضوره مع الله، واستحضار جلاله وعظمته عند عبادته، ومراعاة منتهى الأدب اللازم للوقوف في حضرته، ومتى خشع قلبه خشعت جوارحه، ودخلت صلاته في عداد الأعمال الصالحة المقبولة عند الله، وإلا كانت صلاته شبحا بدون روح، وحركة مجردة بدون هدف، مع أن المصلي ليس له من صلاته إلا ما عقل ووعى {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: ٤٥، ٤٦] {وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} [الأعراف: ٢٠٥].

- ووصف كتاب العلامة الثانية التي تميز المؤمنين المفلحين فقال: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} إشارة إلى أنهم لا يشغلون أنفسهم بالسفاسف، فليس عندهم من الوقت ما يضيعونه في اللغو والهزل والعبث، بما في ذلك الأقوال الفارغة، والآراء العقيمة، والأعمال الطائشة التي لا جدوى من ورائها ولا نفع، وإنما يكرسون جهودهم وطاقاتهم لتحقيق الأهداف السامية التي أناطها بهم دينهم الحنيف، حتى يكتب لملتهم الظهور

<<  <  ج: ص:  >  >>