شماله ما تنفق يمينه "، لشرف اليمين أطلق على القسم بالله اسم (اليمين)، فهذا هو السر في تخصيص هذا النوع من الملك باسم (ملك اليمين). وتحذيرا للمؤمنين من التهالك على الشهوات دون حساب، وتعريفا لهم بأن من جاوز الاستمتاع بالحلال إلى غيره فقد بالغ في العدوان وتعدى حدود الله، كما قال تعالى:{فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}.
- ووصف كتاب الله العلامة الخامسة التي تميز المؤمنين المفلحين فقال:{وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ}، إشارة إلى أخص خصائصهم وألزم التزاماتهم وأبرز صفاتهم، ألا وهي حفظ الأمانة والوفاء بالعهد، ويندرج في الأمانة والعهد كل ما يحمله الإنسان من أمر دينه ودنياه، اعتقادا وقولا وفعلا، كيفما كانت درجته وأهميته، وتتناول الأمانة كل ما يكون تركه والتفريط فيه داخلا في نطاق الخيانة، مصدقا لقوله تعالى في آية أخرى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[الأنفال: ٢٧]، مثال ذلك عقيدة التوحيد والعبادات، فالتوحيد أمانة عند الشخص، وأمره خفي في القلب لا يعلمه إلا الله، والعبادات أمانة عند الشخص، لأن منها ما يخفى أمره على الناس بالمرة، هل وقع أم لم يقع، كالوضوء والغسل والصوم، ومنها ما تخفى كيفية الإتيان به هل وقع على الوجه المطلوب أم لا (أعظم الناس خيانة من لم يتم صلاته). ومثال ذلك الودائع التي تودع عند الغير دون أن يطلع عليها أحد سواه، والأقوال التي ينطق بها الرجل في غيبة أهله فتؤدي إلى