تحريم أهله عليه، فلا يجوز إنكار الأولى ولا كتمان الثانية.
أما العهد الصادر من الله إلى خلقه فهو إعلامهم بما ألزمهم به، كما في قوله تعالى:{وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ}[طه: ١١٥]. وأما العهد الصادر من الإنسان فهو ما ربطه المرء على نفسه نحو ربه، بمقتضى إقراره بالشهادتين أولا، ثم بمقتضى ما يلتزمه من القربات غير المفروضة بين الحين والحين ابتغاء مرضاة الله، ومن هذا النوع الأيمان والنذور، قال تعالى:{وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا}[النحل: ٩١]، وقال تعالى:{يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا}[الإنسان: ٧]. ويدخل في العهد ما التزم به الإنسان نحو غيره من الناس مثل الأوفاق والعقود، يقال " تعاهد القوم " أي أعلن بعضهم لبعض ما التزمه وارتبط به معه، ويصدق عليه قوله عليه الصلاة والسلام:" المومنون عند شروطهم "، بمعنى ان حقيقة إيمانهم تظهر عند الوفاء بشروطهم، فالعهد يعتبر أمانة أيضا فيما وقع فيه، قال تعالى:{وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}[الإسراء: ٣٤]. وهذا المعنى هو الذي تضمنه قوله هنا:{رَاعُونَ} من " الرعاية " بمعنى تولي الشيء وحفظه من الخلل، وصيانته من الضياع، ومنه الراعي بالنسبة للرعية، والمراد " أن كل ما كان مخفيا لا يطلع عليه الناس، فأخفاه أحقه بالحفظ، وأخفاه ألزمه بالرعاية وأولاه "، كما نص على ذلك القاضي أبو بكر (ابن العربي).
- ووصف كتاب الله العلامة السادسة التي تميز المؤمنين