المفلحين فقال تعالى:{وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} إشارة إلى انهم يعتبرون الصلاة عماد الدين، والصلة الوحيدة التي لا ينبغي أن تقطع بينهم وبين الله أبدا، فهم لا يقيمون الصلاة حينا ويهملونها أحيانا، وهم لا تصادفهم أوقات الصلاة في غفلة وعلى غير استعداد، بل لا يتصورون ثبوت حقيقة التدين والإيمان إلا بملازمة الصلوات الخمس في أوقاتها، والتزام القيام بها عن شوق وطواعية ورضا، كيفما كانت الظروف والأحوال، وإن كانت كيفية أدائها تختلف في حالة المرض عن حالة الصحة، وفي حالة السفر عن حالة الإقامة، تخفيفا من الله ورحمة، وإن كان تأخيرها عن وقتها لعذر شرعي طارئ، أمرا لا مؤاخذة فيه ولا لوم. ولأمر ما أبرز كتاب الله في هذا السياق أثر الصلاة في حياة المؤمنين المفلحين مرتين، فجعل الخشوع فيها صفتهم الأولى في البداية، وجعل المحافظة عليها دون انقطاع، صفتهم الأخيرة في النهاية، مما يدل على أن بقية الصفات الأخرى لا توتي أكلها ولا تتحقق على الوجه الأكمل إلا إذا كانت الصلاة لها بدءا وختاما، قال عليه الصلاة والسلام:" استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة " الحديث.
وبعد ما وصف كتاب الله معالم الإيمان البارزة، وما يتحلى به المومنون المفلحون من الخصائص والعلامات، نقل إليهم أفضل بشرى، لتكون لهم نعم الحافز ونعم الذكرى، فقال مشيرا إلى الجامعين لهذه الأوصاف منوها بمقامهم، ومبشرا بالحصول على مرامهم، تأكيدا لفوزهم وفلاحهم، {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ *