يؤكد هذه الحقيقة ورد في نفس السياق ما وقع عند الخروج عليها وعدم التزامها من انقسام البشرية على نفسها، وتمزيقها لوحدة دين الحق الوحيد، إذ جعلت منه أديانا متعادية، ومللا متطاحنة، وأحدثت فيه بدعا لا تحصى، تبعا لأهوائها المفرقة، على حد قوله تعالى هنا:{فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}، ولولا كتاب الله الذي جاء بدين الحق على وجهه الصحيح لاختلط الحابل بالنابل، ولما عرف الحق من الباطل، وإلى هذه الحقيقة الثانية يشير قوله تعالى هنا:{وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ}.
وخُتِم هذا الربع بما يزيد خاتم الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه ثباتا على الحق، ومضيا في الدعوة إليه، بالرغم من شبهات المشركين والكافرين، ومن سلك مسلكهم من السابقين واللاحقين، وما يزيد المؤمنين إيمانا بأن أعداء الرسالة الإلهية التي بعث الله رسوله لتبليغها وتجديدها هم الضالون المبطلون، فقال تعالى:{وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ}.