وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا} [المنافقون: ١٠، ١١] وقوله تعالى في آية ثالثة: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}[الأنعام: ٢٨] فلا مناص من قبض أرواحهم، والحيلولة بينهم وبين الرجعة، إلى أن يحين يوم البعث فتكون رجعتهم إلى الآخرة {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}.
وفي وصف المكذبين الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر عند قيام الساعة وحشرهم إلى الدار الآخرة، قال تعالى:{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} إشارة إلى أن رابطة الأرحام والأنساب، التي من شأنها أن تجمع بين الأقارب والأحباب، ينعدم أثرها بين المكذبين الذين لا يؤمنون، في هذا الموقف الرهيب، الذي يستوي فيه البعيد والقريب، فلا تراحم بينهم ولا تعاطف، ولا تقارب بينهم ولا تآلف، وما من أحد منهم إلا وهو في شغل شاغل بنفسه، يعض بنان الندم على ما فاته في أمسه، على غرار قوله تعالى في آية أخرى {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}[عبس: ٣٣، ٣٤، ٣٥، ٣٦، ٣٧]،ثم قال تعالى:{تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ} إشارة إلى بوادر التعذيب التي يتعرضون لها، وتسلط على وجوههم بالخصوص، لما كان يبدو على أسارير وجوههم من أنفة وكبر عن الاعتراف بالحق، وما كان ينبعث منها من تأثير سحري على ضعاف الخلق، فتبدو وجوههم بفعل النار في غاية التشويه