والبشاعة، ولا سيما شفاههم التي كانوا يسخرونها للنيل من رسل الله وأنبيائه، ووصفهم بكل شناعة، قال الرازي:" الكلوح هو ان تتقلص الشفتان، وتتباعدا عن الأسنان، كما ترى الرؤوس المشوية ". وقد وردت عدة آيات تؤكد معنى هذه الآية، منها قوله تعالى في سورة الكهف:{وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ}[الآية: ٢٩]. وفي سياق الحديث عن مشهد المكذبين والجاحدين وهم ينالون جزاءهم من الله يوم القيامة وازن كتاب الله بين حالهم وحال المؤمنين المفلحين، ليبرز الفرق بين الفئتين، وينجلي الصبح لذي عينين، فقال تعالى:{فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ}.
وتصدى كتاب الله مرة أخرى لحكاية مزاعم المكذبين الذين لا يؤمنون بالرسالة الإلهية ولا يصدقون بالبعث والنشور، فقال تعالى:{بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ * قَالُوا أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}، إشارة إلى ما هم عليه من ضيق النظر وسوء التقدير، وظنهم ان عمر العالم الطويل على قدر عمرهم القصير، فما داموا لم يشاهدوا البعث، لا هم ولا آباؤهم، فالبعث في رأيهم مستحيل، والعالم في ظنهم سيظل على ما هو عليه دون تغيير ولا تبديل، بينما العالم الذي نعيش فيه مهما طالت به السنون فمصيره إلى انقلاب وفناء، والبعث الذي هو عبارة عن نشأة ثانية ليس إلا إعادة للنشأة الأولى، وهي لا تتطلب من خالق