جاء بعد الانتهاء من موضوع رضاعة الأطفال بقوله تعالى:{وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}. مما فيه حض بالغ على وجوب التحري في هذا الأمر، ومراقبة الله فيه مراقبة دقيقة.
وإذا كان لأمر رضاعة الطفل وفطامه من الأهمية البالغة ما جعلهما موضوع عناية القرآن الكريم حتى خصص لهما عدة آيات بينات، فما بالك بتربية الطفل الأخلاقية، وتنشئته على الروح الإسلامية ليكون عضوا نافعا للمجتمع، متمسكا بالدين معتزا بالوطن.
وإذا كانت رضاعة الطفل وفطامه مما تجب فيه المشاورة والتراضي بين الوالدين كما قال تعالى في هذا الربع من سورة البقرة:{عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ}. وكما قال تعالى في سورة الطلاق {وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ} بعد ذكر المطلقات اللاتي يقمن بإرضاع أولادهن، وقوله {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}. فما بالك ببقية شؤون الأسرة الأخرى، فالمشاورة فيها تعتبر من باب أولى وأحرى، وذلك توجيه من الله تعالى لعباده المؤمنين، أن يجعلوا من أسرهم أسرا قائمة على التعاون، ومن بيوتهم بيوتا مؤسسة على التضامن، يتكامل فيها رأي الزوج برأي الزوجة، وتدبير الأب بتدبير الأم.
ثم إذا كانت مملكة البيت الصغرى يجب أن تقوم في نظر الإسلام ووحي القرآن على أساس الائتمار بالمعروف والتراضي والتشاور، تحصينا لها من الدمار، وضمانا لما يلزمها من الاستقرار، فإن مملكة الإسلام الكبرى لا تزدهر ولا تستقر إلا إذا كانت