عقوبة الجلد هو إمام المسلمين ومن ينوب عنه، لا عامة الناس، وسعيا في التأثير على غير الزاني والزانية، حتى لا يقع فيما وقعا فيه، وتشهيرا بهذه الجريمة النكراء، وتنفيرا منها، قال تعالى:{وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.
وأشار كتاب الله إلى أن المؤمن الصالح لا يرتضي لنطفته وذريته إلا الصوالح من النساء، كما أن المؤمنة الصالحة لا ترتضي لعشرتها الزوجية إلا الصالحين من الرجال، بحيث لا يتصور إقبال المؤمنين والمؤمنات على التزوج بالزناة والزانيات، لما في ذلك من مفاسد وأخطار، وآثام وأوزار، وإنما يتصور وقوع هذا النوع من الزواج والرضا به من طرف الفجار والمشركين وحدهم، وإلى ذلك يشير قوله تعالى:{الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}.
وحرصا على حفظ عرض المؤمنات المحصنات، حتى لا يلطخ بسوء، هدد كتاب الله من يتجرأ على قذفهن بالزنى ولم يشهد معه أربعة شهود، بعقوبة الجلد ثمانين جلدة، وبرفض شهادته باستمرار، وباعتباره من الفساق غير العدول، تغليظا لشأن القذف، وردعا عنه بكل حزم وشدة، وذلك قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ولا خلاف في أن التوبة تسقط الفسق، قال الإمام القشيري: " العقوبة