للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لاستمرار وجوده، والحفاظ على كيانه، افتتح كتاب الله هذه السورة بقوله: {بسم الله الرحمن الرحيم سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} مما جعل عمر بن الخطاب وعائشة رضي الله عنهما يأمران بتلقين هذه السورة للنساء، حتى تتشبع نفوسهن بما فيها من توجيهات أخلاقية واجتماعية.

ثم شرع كتاب الله فورا في بيان الحكم الصارم الذي شرعه لمقاومة الزنى والقضاء عليه، فقال تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}، و " الجلد " معناه إصابة الجلد بالضرب، ولم تتعرض الآية لهيئة الجالد ولا لهيئة المجلود، ولا لمحل الجلد، ولا لصفة الآلة المجلود بها، وتركت ذلك للسنة والاجتهاد، واتفق العلماء على أن الجلد يكون بالسوط، بشرط أن لا يكون السوط شديدا ولا لينا، وإنما بين بين، اعتمادا على حديث رواه مالك في المطأ مرسلا عن زيد ابن أسلم، ويطبق حكم الجلد على الزاني إذا كان بكرا لم يتزوج بعد، أما المحصن وهو الحر البالغ العاقل الذي قد وطئ في نكاح صحيح فقد اتفق فقهاء الأمصار على أنه يرجم بدلا من أن يجلد، اعتمادا على آية الرجم التي نسخت تلاوتها وبقي حكمها. ثم قال تعالى: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ}، إشارة إلى وجوب تنفيذ هذه العقوبة كاملة، متى كانت شروطها متوافرة، وحضا على عدم النقص من قدرها فضلا عن تعطيلها بالمرة، لأن الإخلال بها إخلال بدين الله وشرعه النافذ، والمطالب بتنفيذ

<<  <  ج: ص:  >  >>