سورة النور حرمة المساكن والبيوت، ومنع دخولها وانتهاك حرمتها للاطلاع على دخائلها، ونصت على طريقة الاستيذان للدخول في البيت، وأوجبت الاستيذان في فترات الخلوة اليومية على أعضاء العائلة أنفسهم ولو كانوا صغارا، ووصفت جملة من الآداب في الزينة واللباس تحافظ عليها المرأة عند الاتصال بمحارمها فضلا عن غيرهم، ولم تهمل آداب الضيافة عند اجتماع ذوي القربى وأصدقائهم حول مائدة واحدة، ولعل هذه المعاني، مجتمعة، هي التي أوحت إلى القرطبي أن يقول:" مقصود هذه السورة ذكر أحكام العفاف والستر ". وإلى ما فصلته في هذا المجال من واجبات، وما حضت على اجتنابه من محرمات، وما أذنت به من مباحات، نصت على الحرمة الخاصة والقداسة البالغة التي تتمتع بها بيوت الله لشرف نسبتها إليه، وأعطت للمؤمنين درسا عمليا في آداب مجالسة رسول الله والحديث معه والنداء عليه، وآداب الانصراف من مجلسه الشريف، بعد الاجتماع به والجلوس بين يديه، صلوات الله وسلامه عليه، وتخللت سورة النور آيات كريمة تبرز عجائب صنع الله، مما يذكر بجلاله وعظمته، وقدرته وحكمته، وختمت بتقرير عقيدة ثابتة لا سبيل إلى تجاهلها أو إنكارها، {أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}[الآية: ٦٤].
ونظرا لما للموضوعات الرئيسية التي عالجتها هذه السورة بتفصيل، من أهمية بالغة في تنظيم الأسرة المسلمة والمجتمع الإسلامي، وما يعلق عليها الإسلام من نتائج حاسمة بالنسبة