وبما فيه، سواء كان الباب مغلقا أو مفتوحا، لأن الشرع قد أغلقه بتحريم الدخول إليه، حتى يفتحه إذن صاحبه، ثم قال تعالى:{وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا} قال سعيد بن جبير: " أي لا تقفوا على الأبواب "، وحيث نهى الله عن ذلك لأنه يجلب الكراهة، وجب الانتهاء عن كل ما يؤدي إليها كقرع الباب بعنف مثلا، ثم قال تعالى تزكية وتوكيدا للانصراف عند عدم الإذن بالدخول، وصدور الأمر بالرجوع:{هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} وفي هذا المعنى يقول عليه السلام: " إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فلينصرف ".
أما البيوت غير المسكونة، مما جرى العرف دخول الناس إليه لمنفعتهم دون إذن، كالمآوي التي يقصدها الطلبة للنزول، ومحطات الأسفار التي يقصدها المسافرون للاستراحة، وقيساريات التجار التي يقصدها الزبناء للبيع والشراء، والخرب العاطلة، التي يهرع إليها الحاقنون لقضاء الحاجة عند عدم وجود أماكن مخصصة لذلك، فلا يحتاج دخولها إلى الاستئذان، وكذلك البيوت المعدة للضيافة إذا أذن للضيف فيها أول مرة كفى، هذه بعض الأمثلة التي فسر بها المفسرون معنى قول الله تعالى هنا:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ} وبذلك أصبحت مستثناة من المساكن الخاصة، التي لا بد للراغب في دخولها من الاستئذان، ولو كان أهلها غائبين عن المكان.
والمراد " بالمتاع " الوارد في هذه الآية {فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ} عموم الانتفاع. وتحذيرا من استعمال هذه الرخصة في غير