للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المبيت والنوم بها إلا عند الضرورة القصوى لغريب أو عابر سبيل، وقد كان عمر رضي الله عنه يفتش المسجد بعد العشاء فلا يترك فيه أحدا، كل ذلك حرصا على أن تظل بيوت الله مقصورة على ما أنشئت من أجله، ألا وهو ذكر الله وتمجيده وتنزيهه، والتعريف بمظاهر قدرته وحكمته، وتبليغ الرسالة الإلهية المتضمنة لهدايته، والدعوة إلى عبادته وطاعته، وتمكين النوع الإنساني من بلوغ سعادته. وواضح أن الأمور التي نهى عنها الشرع في هذا المقام كلها منافية لذكر الله، لأنها تشوش على الذاكرين والذاكرات ذكرهم، فلا يطمئن لهم بال، وتصرف فكرهم عن الاستغراق والتأمل فيما لله من نعوت الجلال والجمال.

وبعد أن وصف كتاب الله في الآيات السابقة نوره الذي أشرقت به السماوات والأرض، وضرب المثل لنوره عندما يغشى قلب المؤمن فيخرجه من الظلمات إلى النور، وبين انه سبحانه يهدي لنوره من يشاء، تناول بالذكر فريقين اثنين لا ثالث لهما: الفريق الأول هم المهتدون الذين ملأ النور الإلهي قلوبهم فقبلوا الهداية الإلهية، والفريق الثاني هم الذين لم يلج ذلك النور قلوبهم فرفضوا هدايته رفضا باتا، فعن فريق المهتدين الذين تعد عمارة بيوت الله من أبرز صفاتهم، دون أن ينسوا نصيبهم من الدنيا، ولا أن تلهيهم دنياهم عن الدين، قال تعالى منوها بهم مبشرا إياهم بالفوز في الدنيا والآخرة: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ *

<<  <  ج: ص:  >  >>