للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}، وإطلاق (الرجال) عليهم في هذه الآية لا يعني استثناء النساء المؤمنات من هذا الفضل العظيم، فالنساء شقائق الرجال في كل خير وفضل {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: ٣٥]، وإنما أنثى عليهم كتاب الله ووصفهم بكونهم " رجالا "، إشعارا بما لهم من عزائم ماضية، وهمم عالية، واستعمل لفظ " الرجال " في هذا المقام كما استعمله في مقامات أخرى مماثلة، عندما قال تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: ٢٣]، وعندما قال تعالى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: ١٠٨]. وعن فريق الضالين الذين حبطت أعمالهم فأصبحت هباء منثورا، وخسروا أنفسهم في الدنيا والآخرة، قال تعالى منددا بهم، وضاربا المثل لخسرانهم المبين وخيبتهم المرة: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ * أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} و " القاع " ما انبسط من الأرض واتسع ولم يكن فيه نبت، وفيه يكون السراب، وجمعه " قيعة " كما قال تعالى هنا: {أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ} ثم عقب كتاب الله على وصفه للفريقين فقال: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>