للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يرجى بها من الله زيادة الخير وطيب الرزق ".

وفي نهاية هذا الربع شرع الله للمؤمنين أصلا أساسيا وحيويا لتنظيم حياتهم العامة، ففرض عليهم إذا دعاهم رسول الله لجمع خطير بقصد النظر والتشاور في أمر جليل يعم نفعه أو ضرره، سلما أو حربا أن لا ينصرف أحد منهم عن الجمع قبل أن ينفض، إلا بعد استئذانه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصدور الإذن له منه بالفعل، على أن يكون ذلك من أجل عذر طارئ مقبول، وإلا لم يفارق الجمع بالمرة، إذ ما دام الغرض من الجمع لم يتم فليس للتفرق معنى، ووكل كتاب الله إلى رسوله تقدير ظروف الراغب في الانصراف بعد الاستئذان، فإن رأى ما يبرر رغبته أذن له، وإلا فلا، وقد كشف كتاب الله الستار عن سلوك المنافقين في هذا المجال، حيث كانوا ينصرفون من الجمع متسللين، فقال تعالى في شأنهم وسيأتي ذلك في بداية الربع القادم {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا} [النور: ٦٣] وأمر الله جميعهم بان لا يخرج احد منهم حتى ينفض الجمع الذي دعا إليه رسول الله، عند استنفاد الغرض منه، وبذلك يتبين إيمان المؤمن ونفاق المنافق، وواضح أن هذا الأصل الأصيل الذي شرعه الله لرسوله وطبقه في حياته يسري من بعده على خلفائه الراشدين وأمراء المؤمنين وأئمة المسلمين، وما داموا جميعا مأمورين بممارسة الشورى بمقتضى قوله تعالى {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: ١٥٩]، وقوله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: ٣٨] فالمشاورون بدورهم مأمورون بالمشاركة في

<<  <  ج: ص:  >  >>