(بالملأ) يجب أن يفكروا دائما في مصلحة أمتهم، وأن يحاولوا إنقاذها وإصلاح أمرها كلما اقتضى الأمر ذلك، على غرار قوله تعالى:{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}. كما أنها تشير إلى أن أي عمل جماعي له صبغة العموم والشمول لا ينجح ولا يثمر إلا إذا كانت تشرف عليه وتوجهه من أعلى قيادة عليا يطمئن إليها ويطيعها الجميع، وهذا ما يومئ إليه قولهم المحكي عنهم {ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}. أي ابعث لنا ملكا نجتمع عليه، ونلتف من حوله، ونسير تحت قيادته.
أمامنا قوله تعالى:{قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا}. وهذه الآية تشير إلى أن الذين يتعرضون لعدوان خارجي تهون عليهم كل تضحية في سبيل الخلاص من يد العدو، ولذلك يقومون بالدفاع عن أنفسهم ويصدون عنهم العدوان بكل ما في الإمكان، على غرار قوله تعالى:{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}.
أمامنا قوله تعالى في بيان فضل طالوت المرشح للملك على غيره من بني إسرائيل {قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}، وهذه الآية تشير إلى جملة من الخصال الرئيسية المطلوبة في قائد الأمة ورئيسها الأعلى، وأنه يتأهل لرياسة الدولة إلا من آتاه الله حظا وافرا من الخصائص والمواهب الروحية والجسمية، وكان له شفوف على الباقين، ومكانة مرموقة بين الناس أجمعين.