ومجمل القول أن نزول القرآن منجما ومفرقا كان هو الطريق المضمون لتلقي الرسول رسالة ربه على أكمل وجه، ولتلقينه المرسل إليهم آيات الذكر الحكيم، وتكاليف دينهم القويم، وبذلك امتزجت روح الإسلام بنفوس الأفراد والجماعات، وقام على أنقاض المجتمع الجاهلي مجتمع إسلامي الطابع، يعتبر هو المثل الأعلى والقدوة الصالحة، لما ينشأ على غراره من المجتمعات.
وفي ختام هذا الربع نطق كتاب الله بما يهدئ روع الرسول، ويحدد مسؤوليته تجاه المرسل إليهم، مبينا أن هذه المسؤولية تقف عند حدود التبليغ والبيان، ولا تتجاوزهما إلى انتزاع الإذعان والإيمان، ومنبها إلى أن السر في إصرار الضالين على ضلالهم وعدم إيمانهم بآيات الله البينات، هو اتباعهم الأعمى لأهوائهم، وكونهم لم يحسنوا الانتفاع بما رزقهم الله من حواس وملكات، فقال تعالى مخاطبا لرسوله الأمين:{أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا} أي ليست حافظا تحفظه من اتباع هواه - {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا}.