البشر، وأنها من صنع الله الذي أتقن كل شيء، ومتى ربط الإنسان بين هذه الظوار وبين حياته الخاصة فوق سطح الأرض، وعرف أن حياة النوع البشري كله رهينة بوجودها واستمرارها، إذ إنه لولا ما بين هذه الظواهر الطبيعية وبين تكوين الإنسان الخاصة، وحاجياته الملحة، من توافق وتلاؤم وانسجام، لما أمكن له العيش بدونها لحظة واحدة، أدرك لا محالة أن تكوينها على ما هي عليه، وتكوينه هو على ما هو عليه، إنما هما صادران عن قوة مدبرة حكيمة هي قوة الخالق الحكيم الذي يدبر كل شيء بأمره {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[الجاثية: ١٣].
فقوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} يتضمن دعوة كل إنسان إلى ملاحظة ظاهرة طبيعية تبرز عند كل مطلع شمس، لتستفيد من وجودها جميع الكائنات الحية، الموجودة على سطع الأرض، وفي طليعتها الإنسان نفسه الذي لا يستطيع الحياة في راحة وهناء إذا فقدها بالمرة، ألا وهي ظاهرة " الظل " الذي يلاحق ضوء الشمس، " والذي ترخيه الأشياء بجوارها وعلى جوانبها ممتدا أو منقبضا، يتحرك إذا تحركت، ويسكن إذا سكنت، ولكن لا يسمع الناس له همسا، ولا يلقون إليه بالا " فبالرغم من أن طاقة الشمس لا يصل منها إلى الأرض إلا ما يقارب جزءين اثنين من بليون جزء من طاقتها الكلية، نجد الإنسان فضلا عن النبات وبقية الأحياء لا يتحمل تعريض جسمه طيلة النهار لهذا القدر الضئيل من طاقتها باستمرار، وكما