هونا) من أخلاق الماشي وسلوكه الحميد، إذ يكون مشيه هونا دليلا على أنه هين لين. روى الإمام أحمد في مسنده عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" حرم الله على النار كل هين لين سهل قريب من الناس ".
والوصف الثاني من أوصاف " عباد الرحمن " يشير إليه قوله تعالى: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}، بمعنى أنه إذا تجرأ عليهم السفهاء بالقول السيء أغضوا عنهم، وكظموا غيظهم، وردوا عليهم ردا هادئا يوقف أذاهم عند حده، دون أن يقابلوهم بالمثل، أو يشتبكوا معهم في خصام، تجنبا لتوسيع دائرة الشقاق، وحرصا على السداد والمسالمة والسلام، على حد قوله تعالى في آية أخرى:{وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ}[القصص: ٥٥]، وهذا الوصف لا ينافي ما شرعه الله من الجهاد، دفاعا عن الإسلام، عند توفر الأسباب، كما لا ينافي الدفاع عن عرض المسلم، متى تعرض لقذف الأوباش والأوشاب.
والوصف الثالث من أوصاف " عباد الرحمن " يشير إليه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} بمعنى أنهم إذا خلوا بأنفسهم في الليل وسكونه، وخصصوا حصة منه لمناجاة الحق سبحانه وتعالى، والتنفل بعدد محدود من الركعات، وقد كان تهجده صلى الله عليه وسلم بالليل لا ينقص عن سبع ركعات في الحد الأدنى، ولا يزيد على ثلاث عشرة ركعة في الحد الأعلى، حسبما ورد في