والإيحاء إليهم في كل زمان، فالدنيا دار ازدواج وامتزاج يعيش فوق سطحها البر والفاجر، ويصطدم في ساحتها المومن بالكافر {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ}، وتنتهي الآية المشار إليها بخطاب كريم، من رب رحيم، يوجهه الحق سبحانه وتعالى إلى خاتم أنبيائه ورسله، مذكرا إياه أن الله لأعدائه بالمرصاد، ولأوليائه بالرحمة والإمداد {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ} بالنسبة لأعدائه {الرَّحِيمُ} بالنسبة لأوليائه.
والآن وقد قدمنا فكرة عامة عما تضمنته سورة الشعراء من موضوعات نركز القول على مجموعة مختارة من آياتها البينات.
- فقوله تعالى في فاتحة السورة:{طسم} يقال فيه ما قيل في مغزى بقية الحروف الهجائية المقطعة، التي يأتي بعدها مباشرة ذكر " كتاب الله " تصريحا أو تلويحا، وكأن لسان حالها يقول: هذه الحروف التي تجري على ألسنتكم بكلام عادي باهت هي التي نفخ الله فيها من روحه، فتحولت إلى كلام إلهي معجز لا قبل لكم بمثله، فكيف لا تدركون الفرق بين كلامكم وكلام الله {طسم * تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ}.
- وقوله تعالى:{لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} إشفاق من الله على رسوله، وإشارة إلى ما كان يعتري الرسول عليه الصلاة والسلام من هم وغم، وحزن وكمد، عندما يدعو قومه فلا يستجيب لدعوته إلا فريق قليل منهم، ويظل الفريق الآخر على كفره وعناده، مع أن الرسول عليه الصلاة والسلام مثابر على دعوتهم وإرشادهم، حريص على هدايتهم وإسعادهم، وهذا