من أنواع النبات توجد منه أصناف متعددة، لكل صنف مزيته الخاصة، مثل أصناف العنب وأصناف التمر وأصناف البرتقال، وغيرها مما لا يحصى عدا، ووصف النبات " بالكرم " في هذه الآية جار على ما هو متعارف في لسان العرب، يقال نخلة " كريمة " أي كثيرة التمر، ويمكن أن يكون قوله تعالى هنا:{مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ} شاهدا من الذكر الحكيم على معنى جديد لم يهد إليه العلم الحديث إلا أخيرا، وهذا المعنى هو مبدأ ثنائية الكائنات وازدواجها على اختلاف أنواعها، وهو المبدأ الذي ينص على أن كل شيء من الكائنات، من أوائل أو مركبات، ثنائي مزدوج، يجتمع فيه السالب والموجب، وهذا المبدأ العلمي العام يشهد له قوله تعالى على وجه العموم:{وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}[الذاريات: ٤٩]، وقوله تعالى في آية ثانية:{سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ}[يس: ٣٦].
وانطلق كتاب الله يقص في هذا الربع قصة موسى مع فرعون وقومه، فنبه إلى ما كان عليه فرعون وقومه من الظلم والطغيان {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * قَوْمَ فِرْعَوْنَ}، ووصف بعض المواقف التي تبرز ظلمه وطغيانه عندما أعلن إليه موسى انه " رسول رب العالمين " فخاطبه فرعون قائلا: {قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ}،وخاطب السحرة الذين آمنوا بموسى قائلا: {قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ