للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويهتموا بترميم ما تداعى للسقوط، ويحيوا حياة إنسانية نظيفة، منسجمة مع إرادة الله، لا تجلب سخطه وإنما تجلب رضاه، وتتحقق بها في الأرض الخلافة عن الله، وهذا هو معنى " التقوى " الذي يدعو إليه كافة الأنبياء والرسل {أَلَا تَتَّقُونَ}، إذ التقوى في معناه العام هو جعل النفس في " وقاية " مما يخاف منه ويؤذي، لتفادي جميع الأدواء والأسقام، والعيش في هناء وسعادة وسلام، لكن وسائل الوقاية الناجعة لا يستطيع الإنسان الإلمام بها على الوجه الأكمل، إلا إذا تلقاها عن ربه الذي يعلم السر في السماوات والأرض، فهو سبحانه وحده الذي أحاط بكل شيء علما، وهو وحده الذي خلق الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: ١٦]، ولا طريق لذلك إلا تلقي الرسالات الإلهية عن رسل الله، الذين اختصهم برعايته، وائتمنهم على رسالته، وجعل طاعتهم سبيلا إلى طاعته، فقال كل منهم لقومه عن أمر الله وكلمته: {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ}. وحتى لا يوصم رسل الله من أقوامهم بالطمع والاستغلال، تكفل الحق سبحانه وتعالى لرسله بأرزاقهم، فكانوا في حياتهم الخاصة يتمتعون بالاكتفاء الذاتي والاستقلال، ولذلك كانوا يواجهون أقوامهم بما يدفع الشبهة في هذا الباب، حتى لا يجدوا لرفض دعوتهم أي سبب من الأسباب، وهذا هو مغزى قوله تعالى حكاية عن كل واحد منهم: {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>