للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد نبه جار الله الزمخشري إلى " أن السر في كون كل قصة من هذه القصص جاء أولها وآخرها على نمط واحد هو تقرير معانيها في الأنفس، وتثبيتها في الصدور، قائلا: ألا ترى أنه لا طريق إلى تحفظ العلوم - أي استظهارها شيئا فشيئا - إلا ترديد ما يراد تحفظه منها، وكلما ازداد ترديده كان أمكن له في القلب، وأرسخ في الفهم، واثبت للذكر، وأبعد عن النسيان، لا سيما وان هذه القصص طرقت بها آذان وقر عن الإنصات للحق، وقلوب غلف عن تدبره، فكوثرت بالوعظ والتذكير، وروجعت بالترديد والتكرير، لعل ذلك يفتح أذنا، أو يفيق ذهنا، أو يصقل عقلا طال عهده بالصقل، أو يجلو فهما قد غطى عليه تراكم الصدأ ".

وكما استنكر الرسل السابقون من أقوامهم ما وجدوا مناقضا للتعاليم السماوية، مضادا للتوجيهات الإلهية، وأمروهم بما فيه الخير والصلاح، والسداد والفلاح، ها هو شعيب عليه السلام يخاطب " أصحاب الأيكة "، معرضا بما درجوا عليه من استغلال للخلق، وتضييع للحق، داعيا إياهم إلى العدل والإنصاف، في معاملة الناس لا فرق بين الأقوياء والضعاف، فقال لهم كما حكى عنه كتاب الله: {أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ * وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ * وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} فركز دعوته على وجوب تطهير التجارة والاقتصاد، من الغش والاستغلال المنافيين لمصلحة العباد وأمرهم في حالة البيع بإيفاء الكيل والوزن وعدم التطفيف في أي واحد منهما، طبقا لمقتضى العدل والإنصاف، كما أمرهم في

<<  <  ج: ص:  >  >>