للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حالة الشراء بإعطاء كل ذي حق حقه دون غبن ولا إجحاف، ونهاهم عن الفساد في الأرض نهيا عاما كيفما كان نوع الفساد، بما في ذلك الإخلال بالأمن العام وهناء البلاد، إذ لفظ (الفساد) في لغة القرآن يشمل معناه الإخلال بالأمن العام، مثل قطع الطرق والاعتداء على الممتلكات والأرواح، التي تتمتع بالقداسة والاحترام. فقوله تعالى هنا حكاية عن شعيب عليه السلام: {وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} يلتقي معناه مع قوله تعالى في سورة المائدة: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الآية: ٣٣].

ثم ذكر شعيب عليه السلام " أصحاب الأيكة " بأن كل ما يتمتعون به ويتقلبون فيه من الرخاء والنعيم إنما هو من فضل الله، فهو الذي انعم عليهم وعلى أسلافهم خاصة، والنوع الإنساني عامة، بنعمة الإيجاد، ثم بنعمة الإمداد، مما لو تدبروه وقدروه لعبدوا الله وشكروه وما كفروه، وذلك قول شعيب مخاطبا لهم: {وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ} و " الجبلة " قال مجاهد هي الخليقة، ويشبه قول شعيب هنا ما قاله موسى لفرعون وملائه فيما سبق: {رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ} [الشعراء: ٢٦].

ويلاحظ في خطاب شعيب " لأصحاب الأيكة " أنه لم يأمرهم إلا بإيفاء الكيل، فأمرهم بما هو واجب، ولم ينههم إلا عن التطفيف، فنهاهم عما هو محرم، وذلك هو مقتضى العدل، أما

<<  <  ج: ص:  >  >>