للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلبك لأنك تفهمه ويفهمه قومك، ولو كان أعجميا لكان نزل على سمعك دون قلبك، لأنك تسمع أجراس حروف لا تفهم معانيها، وقد يكون الرجل عارفا بعدة لغات، فإذا كلم بلغته التي لقنها أولا ونشأ عليها وتطبع بها ذهب قاصدا إلى معاني الكلام، يتلقاها بقلبه، ولا يكاد يفطن للألفاظ كيف جرت، وإن كلم بغير تلك اللغة وإن كان ماهرا بمعرفتها كان نظره أولا في ألفاظها ثم في معانيها، فهذا تقرير أنه (نزل على قلبه)، لنزوله بلسان عربي مبين ".

وقوله تعالى هنا: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ} يحتمل معنيين كلاهما صحيح: المعنى الأول أن الكتب السماوية السابقة تنبأت بظهور خاتم الأنبياء والمرسلين، ونوهت بنزول الكتاب المبين، والمعنى الثاني أن القرآن الكريم جاء ما فيه مصدقا لما بين يديه، ومهيمنا عليه. ويرتبط بهذين المعنيين أوثق ارتباط قوله تعالى في نفس السياق: {أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ} والمراد " بعلماء بني إسرائيل " المنوه بهم هنا علماؤهم الذين لم يكتموا ما عندهم من العلم، فبادروا إلى الاعتراف بنبوة نبينا عليه السلام، وآمنوا برسالته وبالكتاب الذي أنزل عليه، وكانوا من السابقين إلى الدخول في دينه، تصديقا لما عرفوه وتناقلوه من وصفه عليه الصلاة والسلام ووصف رسالته. وقد كان عيسى عليه السلام آخر نبي بشر باسم نبينا وبرسالته فيما حكى عنه كتاب الله {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا

<<  <  ج: ص:  >  >>