بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: ٦]. وهذه الفئة من أهل الكتاب التي آمنت مرتين هي التي وصفها كتاب الله في آية أخرى إذ قال:{وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ}[القصص: ٥٣].
وتعبيرا عن تمكن الكفر من قلوب المشركين ومن حذا حذوهم في كل عصر، من أعداء الإسلام وخصوم القرآن، وتفسيرا لإصرار هؤلاء المجرمين على الجحود والعناد، وتضليل العباد، قال تعالى:{كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ * لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ * فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ}، أي يتمنون لو انهم أعطوا مهلة أخرى لإعادة النظر، عسى أن يقتنعوا بصدق الخبر، لكن الله تعالى الذي يعلم سرهم ونجواهم لا يحقق لهم هذه الأمنية، لأنه يعلم انهم غير صادقي النية، وإلى ذلك يشير قوله تعالى هنا:{أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ * أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ}.
وليؤكد كتاب الله لجميع الفئات والأجيال، انه لا يظلم أحدا من خلقه بأي حال، قال تعالى هنا:{وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ * ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ} على غرار قوله تعالى في سورة القصص: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ}[الآية: ٥٩].