للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: ١١]. وكما استعمل كتاب الله (الإرث) بمعناه المجازي في قوله: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} استعمل بنفس المعنى في قوله صلى الله عليه سلم: (العلماء ورثة الأنبياء)، تعبيرا عن كونهم حملة لعلمهم، أمناء على رسالتهم، حراسا للدين بين قومهم.

وقوله تعالى حكاية عن سليمان: {وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ}، إشارة إلى أنه كان يتحدث إلى قومه بنعمة الله ليبرز فضل الله عليه، إذ الكل منه وإليه، والمراد بمنطق الطير الذي علمه الله إياه ليصدقه بنو إسرائيل في كونه رسولا من عند الله هو فهم المشاعر التي تجول في نفوسها عن طريق الأصوات التي تنطق بها، فتتفاهم فيما بينها، والمراد " بكل شيء " في قوله: {وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} كل شيء يحتاج ملكه إليه، ويتوقف عليه، على غرار ما وصفت به ملكة سبأ في آية لاحقة {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ}.

وقوله تعالى: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ} إشارة إلى جمع جنوده واستعراضهم أمامه على نظام وترتيب لا يتقدم فيه أحد عن منزلته، ولا يتأخر أحد عن مرتبته، وكل صنف منهم يجري عرضه وفق طبيعته، قال قتادة: " كان لكل صنف وزعة في رتبتهم مواضعهم ". ويطلق " الوازع " على الموكل بتنظيم الصفوف في العرض، ليكف من تقدم إذا كان حقه التأخير، ويقدم من تأخر إذا كان حقه التقديم: {فَهُمْ يُوزَعُونَ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>