للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مبعوث خاص من كبار قومها، حاملا معه هدية عظيمة، وقد تنافس رواة الإسرائيليات في وصف هذه الهدية وتفصيل أنواعها، ولا يوجد لروايتهم سند إسلامي صحيح، وإلى خبر هذه الهدية يشير قولها: {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ}، إلا أن سليمان لم يقبل هديتها ورد وفدها على عقبه، لأن الهدف الديني الأسمى الذي قصده من وراء دعوتها لا تعدل به أي هدية، ولا تقبل فيه فدية، والهدية في مثله إنما هي رشوة كما قال القاضي أبو بكر (ابن العربي)، {فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ} أي جاءه وفد ملكة سبأ {فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ}.

وحيث إن الملأ من قوم سبأ عندما عرضت عليهم ملكتهم كتاب سليمان أظهروا منتهى الاعتزاز بقوتهم وشجاعتهم، ولم يبادروا إلى الاستجابة لدعوته إذ {قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ} اضطر سليمان إلى أن يرد عليهم بما هو من جنس لهجتهم، فقال لرئيس وفدهم ولمبعوثهم الخاص مؤكدا قوله بالقسم: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا} أي لا طاقة لهم بمقاومتها، لأنها جنود ملك فريد من نوعه، جمع النبوة والملك، وحيث أن ملكة سبأ ذكرت الملأ من قومها بأن الغزاة إذا دخلوا قرية " أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة "، خشية أن يقع لمملكتها، إذا اشتبكت مع سليمان في حرب، ما وقع لغيرها، ها هو سليمان ينذرها وقومها بنفس المصير إذا لم يأتوه مسلمين، فيصبح ما توقعوه أمرا واقعا، وها هو يردد نفس المعنى ونفس

<<  <  ج: ص:  >  >>