للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ} ثم أضافوا قولهم: {وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ}.

- والتوجيه الرابع ما ينبغي أن يكون عليه الراعي من حصافة الرأي وتقليب وجوه النظر، والجنوح إلى الوسائل السليمة في معالجة المشاكل السياسية، بدلا من الوسائل الحربية، وهذا المعنى هو الذي تشير إليه ملكة سبأ صراحة وضمنا، إذ {قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ}، تريد بقولها أن الاشتباك في الحرب مع الغزاة ليس مضمون النتيجة، فقد تكون الغلبة لهم، والهزيمة لمن وقفوا في وجوههم، وتتعرض بلادهم بذلك للخراب والدمار، ويسلك الغزاة في معاملتهم مسلك الانتقام وأخذ الثأر، ولفظ (الملوك) في هذا السياق يعني " الملوك الغزاة " ومثلهم " الغزاة ولو كانوا غير ملوك " فالأمر يتعلق بالغزو والتغلب والاستيلاء على البلاد عنوة أولا وأخيرا، قال جار الله الزمخشري: " وقد يتعلق الساعون في الأرض بالفساد بهذه الآية، ويجعلونها حجة لأنفسهم، ومن استباح حراما فقد كفر، فإذا احتج له القرآن على وجه التحريف فقد جمع بين كفرين ".

والظاهر أن ملكة سبأ غلب على ظنها أن سليمان يطمع في ملكها ويريد مقاسمتها ثروتها، لا ان له هدفا دينيا ساميا من وراء دعوتها ودعوة قومها إلى موالاته، والدخول في زمرته، بالرغم مما تضمنه كتابه إليها صراحة في الموضوع، فوجهت له وفدا يترأسه

<<  <  ج: ص:  >  >>