عن صالح في سورة الشعراء تحذيره لقومه منهم إذ قال لهم:{وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ}[الآيتان: ١٥١ - ١٥٢]، فها هو يسلك مسلك التفصيل في هذه السورة ولا يكتفي بالإجمال، إذ يقول:{وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ}، وبذلك اتضح أن زعماء الشرك والضلال من قوم صالح كانوا تسعة أشخاص كرسوا جهودهم للفساد والإفساد، بحيث لا يتخلل نشاطهم ولو مثقال ذرة من الصلاح والإصلاح {يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ}. وهنا كشف كتاب الله الستار عن عنصر جديد من عناصر قصة صالح، ألا وهو تآمر أولئك المفسدين، وتحالفهم على مباغتة صالح وقتله وقتل أهله في غسق الليل، ثم على الحلف لأولياء القتيل أنهم ما شهدوا مصرعه ولا مصرع أهله، حتى يعتقدوا صدقهم ولا يؤاخذوهم بدمه ودم أهله {قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} لكن الله تعالى الذي ينصر أولياءه عصم رسوله منهم، وعاجلهم بعقابه الشديد فجأة وعلى غرة {وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}.
وحيث أن كتاب الله سبق أن وصف نوع العذاب الذي حل بهم في سورة الأعراف إذ قال:{فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ}[الآية: ٧٨]، وفي سورة هود إذ قال:{وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ}[الآية: ٩٤]. اكتفى في هذه السورة بذكر المصير المفجع الذي