من مفاسد كبيرة، فقد أوحى إليهم شيطانهم أن قضاء الشهوة هو الهدف الأول والأخير من وجود الغريزة الجنسية، وأنه لا معنى لوجود أي هدف أخلاقي أو اجتماعي من ورائها، وأنه لا ضرورة تدعو إلى التستر بها وكتمانها، وكانوا يحملون الكراهية والبغض للنساء عموما، ويتبجحون بإعلان النفور من معاشرتهن في كل المناسبات {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ} - {وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ}{أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} - {وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ} - {مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ}. وهذا الوضع الشاذ يؤدي عند استفحال عدواه إلى رفض الذكور للزواج، اكتفاء بأمثالهم، ويتبعه في نفس الوقت - بصورة آلية - اكتفاء الإناث بأمثالهن، فلا يبقى أي حافز يحفز على الزواج وتأسيس الأسرة، لا بالنسبة للرجال ولا بالنسبة للنساء، وبذلك يقع القضاء التام على ملكة الإخصاب والإنجاب، لأنها لا تؤدي دورها إلا عند تزاوج الذكور والإناث، فيتوقف النسل في البداية، ثم ينقطع النسل في النهاية، وهكذا يتعرض المجتمع البشري - متى انتشرت فيه هذه العدوى وسادت العلاقات الجنسية - للاختلال والانحلال، ويتعرض النوع الإنساني تدريجيا في مختلف الأقطار للفناء والانقراض، وذلك خلاف مراد الله ونقيض حكمته، من حمل الإنسان للأمانة والجلوس على عرش خلافته {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}[البقرة: ٣٠]- {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ}[الأحزاب: ٧٢].