للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن هذه النبذة القصيرة يتبين السر في التشهير بعمل قوم لوط والتنفير منه في كتاب الله، والتعبير عنه في ثلاث سور مختلفة بلفظ (الفاحشة) معرفا بالألف واللام، إبرازا لشدة قبحه، وتنبيها إلى أنه أم الفواحش وأكبرها وأخطرها جميعا، لما فيه إذا استفحل أمره من أخطار بالغة على نظام المجتمع، ومصير النوع الإنساني الذي يرتبط به عمران العالم. أضف إلى ذلك ما هو مركوز في العقول والفطر من قبحه وشناعته والنفور منه، حتى أصبح لفظ (الفاحشة) أصدق تعريف له، ولذلك خاطبهم لوط عليه السلام، كما حكى عنه كتاب الله، قائلا لهم في سورة الأعراف: {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} [٨١]، وفي سورة الشعراء: {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} [١٦٥]، وهنا في سورة النمل: {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}.

وواضح أن من انحرف عن طريق الفطرة السوي، ولم يستجب لداعي الميل الطبيعي المركوز في الذكر نحو الأنثى والأنثى نحو الذكر، وكرس حياته لمجرد قضاء الشهوة البهيمية من دون تحقيق أي هدف إنساني نبيل من ورائها، يكون قد بلغ الغاية في " الإسراف "، والغاية في " العدوان "، والغاية في " الجهل " بكلا معنييه: معناه المضاد للعلم، ومعناه المنافي لمكارم الأخلاق. و " الإسراف " في الشيء هو الزيادة المفسدة للغرض المقصود منه.

ولأجل أن نفهم قرار الشواذ المنحرفين من قوم لوط بنفي آل لوط وهو لوط ومن آمن معه إذ {قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ} وتعليل القرار الذي أصدروه في حق لوط وصحبه

<<  <  ج: ص:  >  >>