يُشْرِكُونَ}، إذ كانت الأصنام والأوثان التي يعبدونها لا تهديهم في بر ولا بحر، ولا ترسل ريحا طيبة ولا تنزل غيثا نافعا، وختم الدليل الخامس بخاتمة تنتظم مجموع الدلائل، حيث خاطب المشركين والكافرين، وكافة الجاحدين والمعاندين في كل حين، متحديا إياهم، مطالبا لهم بالحجة والبرهان، والكف عن التحريف والهذيان:{قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.
ثم أعرب عن إحدى العقائد الأساسية في ملة التوحيد، ألا وهي انفراد الحق سبحانه وتعالى بعلم الغيب من دون أحد من خلقه {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ}، على غرار قوله تعالى في آية أخرى:{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ}[الأنعام: ٥٩]، ومن ذلك انفراده وحده بعلم وقت الساعة المحدود، وما يصاحبها من نشر وحشر، وعرض وحساب، وثواب وعقاب {لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ}[الأعراف: ١٨٧]{وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} ولفظ " أيان " هنا بمعنى متى، وهي مركبة من أي والآن، وهو الوقت، أي لا يعرفون متى تقوم الساعة ولا متى يبعثون. وعن هذه الآية تفرع قوله تعالى في بداية هذا الثمن:{بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ} إشارة إلى أن المشركين والكافرين والجاحدين في كل عصر اختلط عليهم الحابل بالنابل في شأن النشأة الأخرى والحياة الآخرة، وكثر منهم الخوض فيها من دون جدوى، وطال جدالهم في أمرها دون علم، فنفاها بعضهم، وشك فيها بعضهم، واستبعدها بعضهم و " العلم "