للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هنا بمعنى الحكم والقول، أي تتابع منهم القول والحكم في شأن الآخرة من دون الوصول إلى نتيجة، وأصل " ادراك " تدارك، أدغمت الدال في التاء وجيء بألف الوصل، وإنما تكرر في هذه الآية لفظ " بل " وهو للاضطراب، ثلاث مرات، تبعا لتقلب احوالهم، وتناقض مواقفهم، ودرجات عنادهم، وحيرتهم الناشئة عن الشرك والكفر والجحود.

وبعد أن وصف كتاب الله حيرتهم البالغة ردد ما تناقلته الأجيال في كل عصر عن هذا الصنف الحائر السخيف، فقال تعالى حكاية عنهم: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ * لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}، وقال تعالى في نفس السياق حكاية عنهم أيضا: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}. رغما عن تباعد العصور، ويغلب عليها طابع السطحية والسذاجة والتقليد الأعمى، كأن من أبدع النشأة الأولى عاجز عن إبداع النشأة الثانية، لا أنه الخالق الذي يبدئ ويعيد، والقادر على ان يأتي بخلق جديد، أو كأن عمر النوع الإنساني على وجه الأرض يقف عند حد عمرهم وعمر آبائهم ولا يمتد وراء ذلك، أو كأن عمر النوع الإنساني كله منذ ظهوره على سطح الأرض إلى أن يأذن الله بانقراضه يعتبر أمدا بعيدا، بينما هو بالنسبة للأرض نفسها فضلا عن بقية الأكوان المنتشرة في الملأ الأعلى يعد أمدا قصيرا إلى أقصى الحدود، ولذلك كان الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه

<<  <  ج: ص:  >  >>