لَكُمْ} اقترب لكم ودنا منكم، وهو من ردف الشيء الشيء إذا تبعه وجاء في أثره.
وإمعانا في تسلية الرسول الأعظم وتهدئة روعه من كيد الكائدين ومكر الماكرين ذكره كتاب الله بأن جحود الكثرة الساحقة من الناس لنعم الله المتواصلة، وإعراضهم عنها، وعدم قيامهم بحق شكرها، لن يحول دون استمرار مدده، إذ هو الرحمن الرحيم، والغني الكريم، فما على رسوله الأمين إلا ان يواصل أداء رسالته إلى الناس كافة، شكروا أم كفروا، أخلصوا أم مكروا، {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ}.
ويؤكد هذا المعنى قوله تعالى فيما سبق من سورة الإسراء:{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا * كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا}[الآية: ١٨، ٢٠].
ومعنى {مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ} ما تخفيه القلوب التي في الصدور، من أكن الشيء إذا أخفاه. قال جار الله الزمخشري:" يعني أنه يعلم ما يخفون وما يعلنون من عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكايدهم، وهو معاقبهم على ذلك بما يستوجبونه ". وقال أبو حيان: " أسند كتاب الله الإعلان إلى ذواتهم، إذ قال في هذه