والجراثيم الفتاكة التي لم يعرفها الإنسان أبدا، فتهجم عليه في مختلف أطراف الأرض، وتتسلط عليه تسلطا عاما، وتؤذيه أذى كبيرا، دون ان يستطيع الخلاص منها ولا مقاومتها، رغما عما يتبجح به من بسطة في العلم، وتفنن في وجوه الحيلة، فيكون ذلك آية من آيات الله البينات، وعقابا لمن انتهكوا جميع الحرمات، كما أشار إلى هذا الاحتمال الأخير الأستاذ فريد وجدي في موسوعته (دائرة معارف القرن العشرين).
ومن السوابق في هذا الباب ما ابتلى الله به فرعون وقومه خاصة، من دون الناس عامة، إذ قال تعالى في سورة الأعراف:{وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ}[١٣٢، ١٣٣].
ومجمل القول ان الدابة التي جعلها الله من علامات الساعة لا يعلم أمرها على وجه التحقيق إلا الحق سبحانه وتعالى المنفرد بعلم الساعة، فلنومن بها على وجه الإجمال، ولنقف عند حدود ما وصفها به كتاب الله، ففي الوقوف عند ما قاله السلامة والنجاة.
وتحدث كتاب الله عن أحوال المكذبين بالحق، عندما يبعثون ويقفون بين يدي الله، فقال تعالى:{وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}.