وذكروا ماذا تقول للناس وتفعله بهم بعد خروجها، واهتم الزمخشري والقرطبي بإيراد ما ورد من الاختلاف في وصفها، وعندما أشار أبو حيان في تفسيره إلى الاختلاف الواقع في أمرها عقب على ذلك قائلا:" واختلفوا فيها اختلافا مضطربا يعارض بعضه بعضا، ويكذب بعضه بعضا، فاطرحنا ذكره، لأن نقله تسويد للورق بما لا يصح، وتضييع لزمان نقله ". وقال الرازي في تفسيره أيضا:" وأعلم أنه لا دلالة في الكتاب على شيء من هذه الأمور، فإن صح الخبر فيه عن الرسول قبل، وإلا لم يلتفت إليه ".
على أن هذا لا يمنع من تخيل هذه الدابة إذا كان ذلك على وجه الظن والتخمين، لإبراز ان خروجها من أمكن الممكنات طبعا وسمعا، فقد ثبت علميا ان ظهور الإنسان فوق سطح الأرض سبقه وجود حيوانات غريبة في شكلها وحجمها، ثم انقرضت قبل أن يتولى الإنسان الخلافة عن الله، والله تعالى قادر على أن يخلق مثلها أو أكبر منها حجما وضخامة {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ}[الروم: ٢٧]. وقد تكون الدابة عبارة عن إنسان مسيخ مسخه الله في شكل بهيمة، لكن أبقى له ملكة النطق، ليكلم شرار الخلق باللغة التي يفهمونها، كما مسخ أناسي من قبل، فجعلهم قردة وخنازير {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ}[المائدة: ٦٠] وقد تكون هذه الدابة في منتهى الصغر ودقة الحجم من جنس الحشرات الضارة،